في السنوات الأخيرة، أصبحت عملية الساسي واحدة من أكثر جراحات السمنة تطورًا وانتشارًا، لما تجمعه من فوائد التكميم وتحويل المسار في آنٍ واحد. لكن رغم هذا التقدم، تظهر تساؤلات مشروعة من المرضى حول عيوب عملية الساسي، والمضاعفات المحتملة، ومدى جدواها على المدى الطويل.
في هذا المقال، نوضح بالتفصيل كل ما يخص الجوانب السلبية لعملية الساسي، مع استعراض الفرق بينها وبين العمليات الأخرى، والمضاعفات التي قد تحدث، وشهادات بعض المرضى وتجاربهم الواقعية بعد الخضوع لها.
عيوب عملية الساسي:
رغم أن عملية الساسي تُعد من العمليات الحديثة في مجال جراحات السمنة، وتهدف إلى الجمع بين مميزات التكميم وتحويل المسار، إلا أنها مثل أي إجراء جراحي قد تحمل بعض العيوب والمخاطر التي يجب أن يكون المريض على دراية بها قبل اتخاذ القرار.
لذلك سوف نستعرض بالتفصيل الجوانب السلبية المحتملة لعملية الساسي، مع شرح كامل لمراحل العملية، وأسباب اختيارها لدى بعض الحالات، لمساعدة المريض على اتخاذ القرار المناسب بالتعاون مع طبيبه المختص.
عملية الساسي لانقاص الوزن:
عملية الساسي (SASI) هي اختصار لـ Single Anastomosis Sleeve Ileal Bypass، وهي تقنية جراحية مزدوجة تجمع بين:
- تكميم المعدة: لتقليل حجم المعدة وخفض الشهية.
- تحويل مسار الطعام: بحيث يتجاوز جزء من الأمعاء الدقيقة، مما يقلل امتصاص الدهون والسعرات الحرارية.
يسمح هذا الدمج بفقدان الوزن بشكل فعال وسريع، مع تحسن واضح في الأمراض المرتبطة بالسمنة مثل السكر من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم.
ما هي عملية الساسي؟
تُجرى عملية الساسي بالمنظار الجراحي تحت تأثير التخدير الكلي، وتتضمن خطوتين أساسيتين:
- تكميم المعدة: عبر استئصال جزء كبير من المعدة وتحويلها إلى أنبوب رفيع.
- ربط الأمعاء الدقيقة: بوصلة واحدة (Anastomosis) بين نهاية المعدة وجزء بعيد من الأمعاء الدقيقة، مما يقلل من الامتصاص.
وبذلك تكون الميزة الأساسية للعملية أنها تُحافظ على مرور جزء من كمية الطعام في المسار الطبيعي للمعدة والاثني عشر، مما يقلل من مضاعفات سوء الامتصاص.
شكل عملية الساسي:
من الناحية التقنية، تبدو عملية الساسي كدمج ما بين عمليتين، فـ:
- يكون الشكل النهائي للمعدة أنبوبيًا كما في التكميم.
- يتفرع الطعام إلى مسارين، أحدهما للمعدة الطبيعية ( يمر فيه ⅓ كمية الطعام)، والآخر للوصلة الجديدة مع الأمعاء (يمر فيه ⅔ كمية الطعام).
وتُجرى هذه الوصلة بمكان واحد فقط، مما يقلل من زمن العملية مقارنة بتحويل المسار التقليدي، ويُراعى في التصميم الجراحي الحفاظ على توازن بين فقدان الوزن وامتصاص العناصر الغذائية الأساسية.
الفرق بين عملية الساسي وتحويل المسار:
يختلط على كثير من المرضى الفرق بين عملية الساسي وتحويل المسار، نظرًا لتقارب الهدف منهما، وهو فقدان الوزن السريع والتحكم في الأمراض المصاحبة للسمنة مثل السكر وارتفاع الضغط. لكن توجد فروقات جوهرية في التقنية الجراحية وآلية الهضم بين العمليتين، ويجب على المريض فهمها جيدًا قبل اتخاذ القرار. ومن أبرز الفروقات بين العمليتين:
- عدد الوصلات الجراحية: في تحويل المسار التقليدي يتم إجراء وصلة بين المعدة والأمعاء وأخرى بين الأمعاء نفسها، بينما في الساسي يتم عمل وصلة واحدة فقط بين المعدة والأمعاء.
- شكل المعدة: في تحويل المسار يُصنع جيب صغير من المعدة، أما في الساسي فتُجرى تكميم للمعدة مما يُحافظ على شكلها الأنبوبي.
- الامتصاص: يؤدي تحويل المسار إلى تقليل امتصاص الطعام بدرجة أكبر، ما قد يزيد من مشاكل نقص الفيتامينات، في حين أن الساسي يحافظ على جزء من المسار الطبيعي للطعام مما يُقلل من هذه المضاعفات.
- مدة العملية: عادةً ما تكون عملية الساسي أقصر في الوقت وأسهل تقنيًا من تحويل المسار الكلاسيكي.
- المضاعفات المحتملة: قد تكون مضاعفات الساسي أقل من تحويل المسار من حيث نسبة سوء الامتصاص أو مشاكل الجهاز الهضمي، لكنها تظل جراحة متقدمة تتطلب خبرة خاصة.
وتُعد عملية الساسي خيارًا وسطًا يجمع بين فعالية التكميم وتقنيات تحويل المسار ولكن بمخاطر أقل.
مميزات و عيوب عملية الساسي:
مميزات عملية الساسي:
- فقدان الوزن بشكل سريع وفعّال خلال السنة الأولى.
- تحسّن واضح في مستويات سكر الدم من النوع الثاني.
- إجراء وصلة جراحية واحدة فقط مما يقلل من زمن العملية والمضاعفات المحتملة.
- الاحتفاظ بمسار الهضم الطبيعي لبعض الطعام، مما يقلل من مشاكل الإسهال أو نقص الفيتامينات.
- مناسبة للمرضى الذين لديهم ارتجاع معدي مريئي ولا يناسبهم التكميم فقط.
عيوب عملية الساسي:
- قلة الخبرات الجراحية المتخصصة بهذه التقنية مقارنة بالعمليات التقليدية.
- احتمال حدوث تسريب من منطقة الوصلة الجراحية.
- ضرورة التزام صارم بنظام غذائي ومكملات غذائية مدى الحياة.
- غير مناسبة لبعض المرضى الذين يعانون من أمراض مناعية أو اضطرابات في امتصاص الطعام.
- احتمالية الحاجة إلى تدخل جراحي في حالات فشل النزول في الوزن أو مضاعفات غذائية.
النظام الغذائي بعد عملية الساسي:
يمر النظام الغذائي بعد عملية الساسي بعدة مراحل، وتهدف إلى ضمان شفاء المعدة والأمعاء، وتدريب الجسم على تقبل كميات صغيرة من الطعام:
1. الأسبوع الأول: سوائل شفافة فقط (ماء، شوربة صافية، مشروبات خالية من السكر).
2. الأسبوع الثاني: سوائل كاملة (لبن خالي الدسم، شوربة كريمية، زبادي سائل).
3. الأسبوع الثالث والرابع: أطعمة مهروسة ولينة (بطاطس مهروسة، خضروات مسلوقة).
5. بعد الشهر الأول: إدخال الطعام الطبيعي تدريجيًا بكميات صغيرة.
6. بعد 3 شهور: نظام غذائي متوازن يحتوي على بروتين عالي، ودهون وسكريات منخفضة.
كما يجب تناول الفيتامينات والمكملات يوميًا حسب إرشادات الطبيب.
معدل نزول الوزن بعد عملية الساسي:
يختلف نزول الوزن بعد عملية الساسي من مريض لآخر حسب الوزن الأساسي، النشاط البدني، والالتزام بالنظام الغذائي، لكن في المتوسط يكون معدل النزول:
- خلال أول شهر: 7 – 10 كجم.
- بعد 3 شهور: 15 – 25 كجم.
- بعد 6 شهور: 25 – 35 كجم.
- بعد سنة: 60 – 80% من الوزن الزائد.
ومع المتابعة المنتظمة مع الدكتور هيكل محمود وفريق التغذية، يمكن الحفاظ على النتائج طويلة المدى.
مضاعفات عملية الساسي:
رغم أن عملية الساسي تُعد من الإجراءات الآمنة نسبيًا، إلا أنها لا تخلو من بعض المضاعفات المحتملة، والتي يمكن أن تحدث إذا لم يتم الالتزام الكامل بتعليمات الطبيب. وتشمل مضاعفات عملية الساسي:
- التسريب من المعدة أو من الوصلة المعوية، وهي من المضاعفات الجراحية الخطيرة لكنها نادرة إذا أُجريت العملية على يد طبيب متمرس مثل الدكتور هيكل محمود.
- نقص الفيتامينات والمعادن، خاصة الحديد وفيتامين B12 والكالسيوم، بسبب تقليل الامتصاص في الأمعاء.
- ارتجاع المريء في بعض الحالات، رغم أن الساسي قد يُستخدم لعلاج الارتجاع في حالات أخرى.
- إسهال أو اضطرابات هضمية نتيجة التغيير في مسار الهضم.
- ثبات الوزن أو عدم فقدانه بالقدر المتوقع، وهي مشكلة ترتبط عادة بعدم الالتزام بالنظام الغذائي أو وجود مشكلات هرمونية.
- ترهل الجلد نتيجة النزول السريع في الوزن، ويمكن التعامل معه لاحقًا بالجراحة التجميلية إذا لزم الأمر.
وتساعد المتابعة المستمرة مع الطبيب على اكتشاف وعلاج أي مضاعفات مبكرًا.
أسباب فشل عملية الساسي:
رغم نجاح العملية في معظم الحالات، إلا أن هناك بعض الأسباب التي قد تؤدي إلى فشل عملية الساسي وعدم تحقيق النتائج المرجوة، مثل:
- عدم التزام المريض بالنظام الغذائي بعد الجراحة: مثل تناول كميات كبيرة أو أطعمة غير مناسبة.
- عدم ممارسة أي نشاط بدني أو رياضة: مما يقلل معدل الحرق ويؤثر على نزول الوزن.
- وجود مشكلات هرمونية مثل خمول الغدة الدرقية أو مقاومة الإنسولين: والتي قد تُعيق فقدان الوزن رغم نجاح العملية تقنيًا.
- تمدد المعدة بمرور الوقت: نتيجة الأكل الزائد أو التمدد المزمن.
- إجراء العملية بشكل غير دقيق أو على يد جراح قليل الخبرة: مما قد يؤدي إلى خلل في المسار الهضمي.
ولا يتوقف نجاح العملية فقط على الإجراء الجراحي، بل يعتمد أيضًا على وعي المريض والتزامه بعد الجراحة.
تجربتي مع عملية الساسي:
“بعد محاولات كثيرة مع الرجيم والرياضة، قررت إجراء عملية الساسي مع د. هيكل محمود، وكنت قلقة جدًا في البداية… لكن التجربة فاقت توقعاتي. في أول 3 شهور فقدت حوالي 20 كجم من وزني، وانضبطت مستويات سكر الدم دون الحاجة إلى تناول أدوية. كما قلت كميات الأكل بشكل طبيعي، وأصبحت الفيتامينات جزءًا من يومي ، لكني أشعر بالطاقة والراحة النفسية. ولو عدت في الزمن، لاتخذت القرار بشكل أسرع”
هكذا عبرت إحدى المريضات عن تجربتها، وهي مثال حقيقي لما يمكن أن تحققه عملية الساسي حين تُجرى بالشكل الصحيح وتُتبع بتغيير نمط الحياة.
تكلفة عملية الساسي:
تختلف تكلفة عملية الساسي حسب الطبيب والمستشفى والخدمات الطبية المتاحة، لكن مع د. هيكل محمود، استشاري جراحات السمنة والمناظير، يمكن تقسيط التكلفة، والتي تشمل:
- الفحوصات قبل الجراحة.
- أجر الفريق الجراحي.
- الإقامة بالمستشفى ليوم أو أكثر.
- المتابعة بعد العملية.
- خطة التغذية المخصصة لما بعد الجراحة.
وختامًا:
قد تكون عملية الساسي خيارًا مميزًا لفقدان الوزن والتحكم في الأمراض المصاحبة للسمنة، ولكن مثل أي إجراء جراحي، لا تخلو من بعض العيوب والتحديات. ولا يعتمد النجاح الحقيقي للعملية فقط على مهارة الجراح، بل على وعي المريض، واستعداده للالتزام بنمط حياة صحي بعد الجراحة. لذلك، فإن مناقشة عيوب عملية الساسي بوضوح وشفافية مع الطبيب، وموازنة الفوائد بالمخاطر، هو المفتاح لاتخاذ القرار الصحيح.